الأدب في المقاهي- نجومية زائفة أم نافذة ثقافية؟
المؤلف: وليد الكاملي11.10.2025

إن احتكار أحدنا منصة للكتابة والتعبير عن رأي ما لا يقطع بصحة هذه الرؤية، وفي الوقت نفسه، لا يجزم ببطلانها. والدافع وراء هذه المقدمة هو ما لمسته مؤخرًا من تعصب في الأحكام المسبقة تجاه الآراء بشكل عام، مما أدى إلى تصنيفها في خانتين لا ثالث لهما: إما تأييد مطلق يمثل اللون الأبيض الناصع، أو رفض قاطع يمثل السواد القاتم. وإيماناً مني بأن الفكرة التي أطرحها اليوم لا تستدعي أي تحيز أو انفعال، فإنني أعرضها بكل تواضع وأدعو إلى تقبلها برحابة صدر ودون تلوين مسبق.
قبل بضعة أيام، تلقيت دعوة كريمة من أحد الكيانات الأدبية البارزة لإحياء أمسية قصصية في أحد المقاهي الذائعة الصيت، التي أتقنت فن التواصل الفعال مع الجمهور من خلال الدعوات الشخصية المؤثرة. وقد أثارت إعجابي مراعاة هذا الكيان للتوقيت، الذي تم تأجيله يومًا واحدًا بسبب تزامنها مع مباراة رياضية هامة. وقد كان إقبال الجمهور غفيرًا بشكل فاق توقعاتي، مما أضفى عليّ شعورًا زائفًا بالنجومية لم أعهده من قبل، خاصة عندما طلب مني البعض التقاط صور تذكارية. في تلك اللحظة، وبتأثير من طبيعتي البشرية، تساءلت في قرارة نفسي: ما الفرق بيني وبين نجوم الرياضة والإعلام الاجتماعي؟ لكن سرعان ما استجمعت قواي العقلية وذكّرت نفسي بأن محبة الناس كنز لا يقدر بثمن، وأن عليّ الاستمتاع بهذه اللحظة الجميلة.
بعد انتهاء الأمسية وعدت إلى تأملاتي، واكتشفت أن هذه المبادرة الأدبية المتميزة، التي تتبنى شعارًا معناه "من المقاهي إلى المجتمع.. نرسم للأدب مسارًا واضحًا"، تسعى جاهدة إلى تعزيز الثقافة بكل أبعادها، بعد أن ظلت حبيسة أسوار النخبة لفترة طويلة. إنها فكرة مبتكرة وملهمة، بل يمكن اعتبارها "معدية" لما لها من تأثير إيجابي على المحيطين، وخاصة جيل الشباب الطموح الذي يسعى إلى إحداث تغيير ملموس في حياته. فحتى صانع القهوة، الذي يبدو منهمكًا في تحضير القهوة، لا بد وأنه سيتأثر بهذا الحراك الثقافي المتزايد، وهذا في حد ذاته مكسب عظيم للمجتمع بأكمله. يمكن القول إن هذا المشروع قد حقق نجاحًا ملحوظًا في أهدافه، على الرغم من بعض الملاحظات الطفيفة التي لا تنقص من قيمته.
لكن في المقابل، وعلى صعيد الثقافة والمثقفين، أرى أن هذه الطريقة في تقديم الثقافة من خلال المقاهي والمبادرات الأدبية قد تنطوي على مخاطر جمة، لا تقتصر على الشعور الزائف بالنجومية، بل تمتد لتشمل المسار الحقيقي للثقافة، الذي يجب أن يتسم بالجدية والعمق والتبني لقضايا تتجاوز حدود الاستعراض الجماهيري الذي يبدأ بالمجاملات المجانية وينتهي بالصور التذكارية. وهذا ليس تعقيدًا للأمور، بل هو تذكير بحقيقة يجب أن يدركها صناع القرار، الذين قد تغريهم هذه التجارب الناجحة بجماهيريتها الواسعة، مما قد يؤدي إلى الوقوع في فخ النجومية، الذي قد يكون مقبولًا في مجالات أخرى، ولكنه غير مناسب للوسط الثقافي.
قبل بضعة أيام، تلقيت دعوة كريمة من أحد الكيانات الأدبية البارزة لإحياء أمسية قصصية في أحد المقاهي الذائعة الصيت، التي أتقنت فن التواصل الفعال مع الجمهور من خلال الدعوات الشخصية المؤثرة. وقد أثارت إعجابي مراعاة هذا الكيان للتوقيت، الذي تم تأجيله يومًا واحدًا بسبب تزامنها مع مباراة رياضية هامة. وقد كان إقبال الجمهور غفيرًا بشكل فاق توقعاتي، مما أضفى عليّ شعورًا زائفًا بالنجومية لم أعهده من قبل، خاصة عندما طلب مني البعض التقاط صور تذكارية. في تلك اللحظة، وبتأثير من طبيعتي البشرية، تساءلت في قرارة نفسي: ما الفرق بيني وبين نجوم الرياضة والإعلام الاجتماعي؟ لكن سرعان ما استجمعت قواي العقلية وذكّرت نفسي بأن محبة الناس كنز لا يقدر بثمن، وأن عليّ الاستمتاع بهذه اللحظة الجميلة.
بعد انتهاء الأمسية وعدت إلى تأملاتي، واكتشفت أن هذه المبادرة الأدبية المتميزة، التي تتبنى شعارًا معناه "من المقاهي إلى المجتمع.. نرسم للأدب مسارًا واضحًا"، تسعى جاهدة إلى تعزيز الثقافة بكل أبعادها، بعد أن ظلت حبيسة أسوار النخبة لفترة طويلة. إنها فكرة مبتكرة وملهمة، بل يمكن اعتبارها "معدية" لما لها من تأثير إيجابي على المحيطين، وخاصة جيل الشباب الطموح الذي يسعى إلى إحداث تغيير ملموس في حياته. فحتى صانع القهوة، الذي يبدو منهمكًا في تحضير القهوة، لا بد وأنه سيتأثر بهذا الحراك الثقافي المتزايد، وهذا في حد ذاته مكسب عظيم للمجتمع بأكمله. يمكن القول إن هذا المشروع قد حقق نجاحًا ملحوظًا في أهدافه، على الرغم من بعض الملاحظات الطفيفة التي لا تنقص من قيمته.
لكن في المقابل، وعلى صعيد الثقافة والمثقفين، أرى أن هذه الطريقة في تقديم الثقافة من خلال المقاهي والمبادرات الأدبية قد تنطوي على مخاطر جمة، لا تقتصر على الشعور الزائف بالنجومية، بل تمتد لتشمل المسار الحقيقي للثقافة، الذي يجب أن يتسم بالجدية والعمق والتبني لقضايا تتجاوز حدود الاستعراض الجماهيري الذي يبدأ بالمجاملات المجانية وينتهي بالصور التذكارية. وهذا ليس تعقيدًا للأمور، بل هو تذكير بحقيقة يجب أن يدركها صناع القرار، الذين قد تغريهم هذه التجارب الناجحة بجماهيريتها الواسعة، مما قد يؤدي إلى الوقوع في فخ النجومية، الذي قد يكون مقبولًا في مجالات أخرى، ولكنه غير مناسب للوسط الثقافي.
